مجلس الجهات من وجهة نظر دستورية
بالرجوع إلى دستور 2022 و بالإ عتماد على الفصل 83 فإن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يتكون أساسا من نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم، وينتخب أعضاء كل مجلس جهوي ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهاتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. كما ينتخب الأعضاء المنتخبين في المجلس الجهوية في كل إقليم نائبا واحدا من بينهم يمثل هذا الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم. ويتم تعويض النائب الممثل للإقليم طبقا لما يضبطه القانون الانتخابي.
ونصّ الفصل 82 على أنه لا يمكن الجمع بين عضوية مجلس نواب الشعب وعضوية المجلس الوطني للجهات والأقاليم. ويحجر الجمع بين عضوية المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأي نشاط بمقابل أو دونه.
في نفس الإطار كان لنا اتصال بأستاذ القانون العام الصغير الزكراوي حيث أكد لنا اهمية المرحلة الزمنية القادمة التي ستحسم مصير المشهد السياسي في انتظار إصدار القانون الانتخابي الذي سينظمه وهو ما سيحسم نظام مجلس الجهات والأقاليم التي تنضوي تحت إطار تفعيل أحكام الدستور.
تتواتر تصريحات رئيس الجمهورية حول نجاعة مشروع مجالس الجهات والأقاليم ودورها المحوري في استرجاع حق الجهات في التنمية ويتبين لنا من خلال ما جاء في الدستور تقلص صلاحيات مجلس النواب وعدم تعارضها مع صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم في المقابل تتفق بعض الأطراف السياسية حول ضبابية المرحلة في غياب القانون الانتخابي الذي يطالب به كل مكونات المشهد السياسي ومكونات المجتمع المدني.
إذا ما اعتبرنا أن الرزنامة التي سبق وأعلن عنها رئيس الجمهورية ستحافظ على تواريخها فنحن بالتالي إبان انتخابات تشريعية في شهر ديسمبر المقبل سينتج عنها ما يسمى بنظام الغرفتين الذي سيقسم السلطة التشريعية بين الغرفة الأولى مجلس الجهات والأقاليم والتي وصفها رئيس الجمهورية لدى جولته بشارع الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية المنقضي أنها '' تمكين للجهات التي أخرجوها من التاريخ وكادوا يخرجونها من الخريطة لتعود صاحبة القرار'' و الغرفة الثانية المتمثلة في مجلس نواب الشعب ولكن بثوب جديد.
تجربة نظام الغرفتين في العالم
راجت تجارب نظام الغرفتين في العالم وتسمى بالإزدواج البرلماني وحسب دراسات تاريخية فإن أولى التجارب كانت في إنجلترا عندما ظهر "مجلس العموم" و"مجلس اللوردات".
وأسهمت عدة عوامل تاريخية في بلورة هذا النظام، إذ كان البرلمان الإنجليزي في بدايات ظهوره إطاراً لتمثيل القرى والفرسان والبرجوازية، وممثلي المدن والنبلاء واللوردات، ورجال الدين. وكانوا يجتمعون في قاعة واحدة، ما كان يحدث إرباكاً في أوساط الطبقات الدنيا، الأمر الذي دفع بهذه الأخيرة إلى عقد اجتماعاتها في قاعة منفردة، لتتطور الأمور مع مرور الوقت؛ لتأخذ شكل ازدواج برلماني ضمّ مجلس اللوردات من جهة، ومجلس العموم من جهة ثانية.
كما نذكر أيضا تجربة المغرب التي عادت إلى التسيير بنظام الغرفتين في دستور 1996 والتي تتقدم بأشواط في المجلس الجهوي ليتم خلال الولاية التشريعية السادسة، (1997-2002) انتخاب برلمان بغرفتين ممثلتين في مجلس النواب المكون من 325 عضوا انتخبوا بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، 295 عضوا منهم انتخبوا على صعيد الدوائر الانتخابية المحلية، و30 عضوا على الصعيد الوطني، إلى جانب مجلس المستشارين الذي ضم 270 عضوا انتخبوا لمدة تسع سنوات، ثلاث أخماس المجلس انتخبتهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة مكونة من ممثلي الجماعات المحلية، أما الخمسان الباقيان فإنتخبتهم هيئات ناخبة من المنتخبين في الغرف المهنية وأعضاء انتخبتهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة من ممثلي المأجورين.
عودة إلى تجربة نظام الغرفتين من جديد
وبالحديث عن تجربة نظام الغرفتين في تونس يمكننا ذكر مثال مجلس النواب ومجلس المستشارين الذي أرساه بن علي سنة 2005 بعد التعديل الدستوري في 1 جانفي 2002. ويتكون المجلس من 126 عضوا، وهو عدد قابل للتغيير كل 6 سنوات، وفي تونس لكن لا يجب أن يتجاوز ثلثي أعضاء مجلس النواب. تمتد ولاية المستشارين ل6 سنوات، ويجدد نصف الأعضاء كل 3 سنوات ويتم انتخابهم من قبل أعضاء مجلس النواب والمستشارين البلديين.
تم حل المجلس بمقتضى مرسوم عدد 14 لسنة 2011 مؤرخ في 23 مارس 2011 الذي يتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، ثم ألغى من قبل الفصل 50 من دستور تونس 2014.
مكانة الشباب في مجلس الجهات والأقاليم
بالعودة إلى التجربة التونسية فمن المنتظر أن يكون للشباب فيها دورا هاما في فرض وجودهم بنسب مهمة ضمن مجلس الجهات والأقاليم باعتبار أن الانتخاب سيكون على مستوى جهوي من ناحية وأيضا نسبة مشاركة الشباب في آخر محطة انتخابية أو التي تلتها لم تكن هامشية وهي التي أحدثت الفرق مقارنة باستحقاقات انتخابية أخرى سابقة.
عندما نشير إلى دور الشباب في المشروع المقترح من رئاسة الجمهورية فنحن إزاء الشباب الناشط في الشأن العام والشباب الحامل للإعاقة وشباب المجتمع المدني.
عديدة هي الجمعيات والمنظمات الناشطة في المجتمع المدني والتي تسعى منذ 2011 إلى ترسيخ قيم المشاركة الفاعلة في الشأن العام والشأن المحلي ونبذ العنف والتطرف ومن ابرزها جمعية "التلاقي" التي تركزت اغلب مشاريعها على الإختلافات وقبول الاختلاف والتعايش داخل المجتمع.
كان لنا لقاء مع رئيس الجمعية راشد بن أحمد الذي أكد بدوره عدم وضوح المسار حتى بعد 25 جويلية ومع وضع الرزنامة الانتخابية التي تفيد باقتراب موعد الانتخابات التشريعية. متسائلا عن موعد صدور القانون التشريعي معتبرا إياه بمثابة خارطة طريق حقيقية لما سنمر به في الفترة القادمة.
قد يكون إرساء مجلس الجهات والأقاليم الحل الأنجع لمجابهة المشاكل التي تواجهها الجهات الداخلية منذ عقود وهيكل تشريعي سيعمل بالتوازي مع مجلس النواب وهو أيضا سبيل لإدماج الشباب في ممارسة السلطة التشريعية وتمكينهم من صلاحيات مباشرة كما تعتقد ريما الماجري وهي شابة تونسية، ذات الثلاث وعشرون ربيعا، ناشطة في المجتمع المدني ومتحصلة على شهادة الإجازة الوطنية في التنشيط الثقافي. فحسب قولها مجلس الجهات والأقاليم فيها تكريس لمبدأ تواصل دور المجتمع المدني فمنذ سنين ومع اختلاف الفترات السياسية التي مرت بها تونس انتظرت تغييرا على مستوى التشريعات مما يمكن الشباب من الممارسة الفعلية لحقهم في المشاركة في صنع القرار بطريقة مختلفة عن المألوف
يسري مزاتي رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
وبما أن الدستور التونسي جامع لكل التونسيين بجميع اختلافاتهم كان من الضروري معرفة رؤية الشباب من ذوي وذوات الإعاقة في مشروع مجلس الجهات والأقاليم لذلك كان لنا لقاء مع رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يسري مزاتي في مقر الجمعية وأفادنا أن ذوي الإعاقة من جهتهم سيكون لهم دور هام خاصة في ما يتعلق بالبناء القاعدي الذي ينطلق من المحلي ثم إلى الجهوي ثم إلى الوطني. فالشباب اليوم على معرفة بحاجيات التنمية المحلية واحتياجاته الخاصة.مشيرا إلى أن ذلك ممكن أن يكون من خلال الشركات الأهلية وهي ركيزة هذا النظام إذ تنطلق من خلق دورة اقتصادية واجتماعية تدعم الشباب من أجل فتح الشركات الأهلية التي تستغل بالأساس الأراضي الدولية وتنفذ المشاريع الفلاحية وخاصة تهتم بإدماج الفئات الهشة في المجتمع.
إلى جانب النقاط التي من أن تكون ضمن أولويات الشباب حاملي الإعاقة الحث على إسناد الميزانية للشباب لبناء مجلس محلية في إطار التنمية داخل كل معتمدية او بلدية ثم تنطلق إلى مجلس جهوية تحقق تنمية على عديد المستويات حسب الثروات المتاحة في كل جهة.